إصدارات المركز الإعلامي للإخوان المسلمين

 

 

 

الملهم الموهوب

 

 

صفحتنا بيضاء

 

 

أبحاث ودراسات

 

 

من معين التربية الإخوانية

المركز الإعلامي للإخوان المسلمين

22 - 6 - 2018م

8 شوال 1439هـ

العدد 989

 

 

 

 

 

 

من أخبار الدعوة

 

 

 

في ذكرى وفاة

الشيخ محفوظ نحناح

خواطر حول الذكرى

 

بقلم الأستاذ عبد القادر بن قرينة

رئيس حركة البناء الوطني – الجزائر

 

بِسْم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ...

تعود ذكرى وفاة الشيخ محفوظ نحناح رحمه الله تعالى علينا بل أقول: تغيب جسده عنا وليس وفاته - فهو حي فينا بروحه و أفكاره وتوريثه وبركاته ...

 فإذا خلَّدَ النَّاسُ عظماءهم بإطلاق أساميهم على طرقات ومطارات وجسور ... فيكفيه شرفاً واصطفاءً أنه مخلد فينا بأفكاره ونهجه ورفْعِ ذكره.

فهو يحتل مساحة من القلب محبة، ومنقوش على الذاكرة اصطفاءً، فلقد كان قائدا فذا ... فهو:

يقنع العقل ...

ويشبع العاطفة ...

ويستوعب الأحاسيس ...

باجتهاداته وبحبه وبروحانيته وبزهده وتضحيته وقدوته ...

كان قدوة في نكران الذات والوطنية الحقة والفهم العميق للإسلام بمقاصده قبل تفاصيله الفقهية ...

إنهم قلائل أمثاله في سيرورة الحياة والذين يحدثون تأثيرا مجتمعيا قد يستمر لأجيال ... فهم أهل اصطفاء لسر قُذِفَ في قلوبهم ...

يقول بكرُ بن عبد الله المزني: (ماسبقهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه بكثرةِ صلاةٍ ولا صيامٍ ولكن بشيءٍ وقرَ في قلبه ...) ...

ذاك الشيء الذي وقر في قلب شيخنا قدس الله سره هو الذي جعلنا جميعا صدقة جارية له فهو لم ينقطع عمله وأثره وتأثيره ....

وذاك السر هو الذي رزقه الثبات على مبادئه حتى صار الرقم الأصعب في المعادلة الوطنية ...

وذاك السر هو الذي رزقه الله به فهم سنن التغيير فتدرج في الإصلاح دون مصادمة ولا مغالبة وفي المشاركة مع تمايز ودون ذوبان وفي الاجتهاد ضمن المنهج فأبدع دون أن يرى لنفسه فضل (فالفضل لمن سبق وصدق) وفي العمل داخل المؤسسسة لا من خارجها أو يرى نفسه فوقها.

جاء في الحديث :عَنِ الْحَارِثِ بن مَالِكٍ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثُ؟ قَالَ: أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا حَقًّا، فَقَالَ: انْظُرْ مَا تَقُولُ، فَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةً، فَمَا حَقِيقَةُ إِيمَانِكَ؟ فَقَالَ: قَدْ عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا، وَأَسْهَرْتُ لِذَلِكَ لِيَلِي، وَاطْمَأَنَّ نَهَارِي، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَرْشِ رَبِّي بَارِزًا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ يَتَضَاغَوْنَ فِيهَا. فَقَالَ: يَا حَارِثُ عَرَفْتَ فَالْزَمْ.

إنها المعرفة التي يمكن بها الله قلوب بعض عباده فيكون لهم بها الاصطفاء والقناعة بالفكرة واليقين بصوابها والصلابة في الثبات عليها والحياة لأجلها والتضحية من أجلها ... فيكرمهم رب العزة بانتشارها واستمرارها وديمومتها.

ناضل طوال حياته متنقلا بين أرياف الجزائر وجبالها وصحرائها داعيا ومبشرا دون كلل ولا ملل ونجح فأحبه الناس وأحبوا فكرته، (وتنجح الفكرة لما هم الدعوة يحملك للذهاب بها إلى الناس !وتخسر الفكرة لما تمطئ الدعوة وتحملك هي للوصول على ظهرها إلى الناس)

قاوم الشر والطغيان وناله منه ما ناله من التعذيب والتنكيل والسجن ووقف بدون تردد ولا حسابات ضد العنف والاٍرهاب أيا كان مصدره وبواعثه.

وأُعْتُبِرَ تجديدًا منه في أن: المحافظة على الأوطان مقصد شرعي سادس بعد حفظ الدين والنفس والعرض والعقل والمال.

وأصَّلَ لمعادلة المشاركة الإصلاحية والمعارضة الإيجابية.

فكان مجددا في الفقه السياسي ونمط الحكم فرفع شعار:

بأننا في الحكومة ولسنا في الحكم.

فكان يعارض حينما يقتضي الأمر المعارضة ويؤيد حينما يقتضي الأمر منه التأييد وهو يقوم بالدورين في آن واحد دون ان يؤثر ذلك في مشاركة حزبه بالحكومة.

ارتكز للموروث وانفتح على الواقع فمزج بينهما دون تضييع للمقصد.

أخذ مبدأ الشورى ولم يتعفف عن الديمقراطية فنحت مصطلحه المشهور الشوراقراطية.

لم يمنعه همه الوطني من التفاعل مع قضايا الأمة والمنافحة عنها، وكانت قضيته المركزية هي القضية الفلسطينية بلا ريب ولا شك ولربما كانت القضية الوحيدة التي لا يناور في اتخاذ المواقف الصريحة تجاهها بل والأعمال الساندة لها.

رزقه الله المحبة والهيبة في قلوب البشر.

قال عنه الرئيس بوتفليقة في حياته وأمام الملأ: إذا سولت لي نفسي أن أمس الإسلام جاءت صورة الشيخ محفوظ أمامي.

وقال عنه بعد وفاته: لقد كان عدة رجال في رجل واحد.

رحم الله الشيخ محفوظ نحناح ورفيقه محمد بوسليماني وإخوانه الذين ثبتوا على ما ألزم نفسه به ومات عليه.

 

 

 

 

 © 2018  جميع الحقوق محفوظة للمركز الإعلامي للإخوان المسلمين